مع القتلة متعايشين

Photo credit: Lybil Ber

Photo credit: Lybil Ber

عارفين من زمان. صحيح نطرنا سنين طويلة لقرار المحكمة الخاصة بلبنان يصدر، بس المجرم معروف وتعايشنا معه لأننا مجبورين. مجبورين نتعايش مع فريق يؤمن بمنطق الإلغاء، منطق الاستقواء، منطق المكابرة بقوة سلاحه غير الشرعي، بمنطق التخوين والاتهام بالعمالة.

مثل ما راح رفيق الحريري، راحوا غيره كثار بعمليات ارهابية عديدة، محاولة من محور معيّن إسكات كل الأصوات اللي بيعتبروها مزعجة ويجب التخلص منها. بغض النظر شو عمل وشو ما عمل رفيق الحريري، بغض النظر وين نجح ووين قصّر، بغض النظر اذا كنت مع سياساته او كنت ضدها، زلزال الرابع عشر من شباط ٢٠٠٥ ادخل البلد بنفق طويل ومظلم خدمة لمشروع إقليمي شرّير حاول تغيير وجه لبنان والهيمنة عليه، ولحد كبير نجح... لهلق.

اليوم تحققت العدالة، ولو جزء منها، ولو متأخرة، والمحكمة الدولية اللي اعتبرها البعض "مؤامرة صهيونية" عليه أثبتت عدم انحيازها وأنها غير مسيّسة. صحيح في كثار شعروا بالإحباط والخيبة، بس هي محكمة بتبني قراراتها حسب الأدلة وما بتتهم بالسياسة. بس هل نحن بحاجة للمحكمة تخبرنا ان جريمة الاغتيال كانت لاهداف سياسية؟ هل نحن بحاجة للمحكمة تخبرنا ان لديها شكوك بتورط حزب الله والنظام السوري بس ما في ادلة كافية؟ بالطبع لا. عارفين من زمان. وفي انسان بعقله الكامل قادر يفكّر بأن سليم عيّاش الإرهابي بيتصرف من دون علم قيادته بحزب الله؟ بالطبع لا. ولكن معقول يخبّرنا حسن نصرالله ان ما كان معه علم؟ مثل موضوع عامر الفاخوري والعنبر رقم ١٢...!؟ ايه، نعم، فهو اللي اعتبر عيّاش قدّيس ممنوع المس فيه.

ما تيأسوا، ما تشعروا بالإحباط، هني عارفين حالهم كتير منيح. عارفين انهم متورطين وفي دم على أيديهم، عارفين شو عملوا بالبلد وتمسكهم بالسلاح الايراني لوين وصّلنا. عارفين قراراتهم وخياراتهم سببت بعزلتنا وساهمت بالخراب فوق كل فساد وفجور الطبقة الحاكمة على مر العقود.

اغتالوا خيرة السياسيين والأمنيين والصحافيين لأنهم جبناء. اغتالوا المواطن والمواطنة لأنهم غير مؤتمنين على أرواحنا ودمائنا. اعتبروا كل واحد عِلي صوته بوجههم هو عدو وعميل، بس مش عارفين ان لا صوت يعلو فوق صوت الحق، والحقيقة تُكشف ولو بعد حين، وعدل الارض اذا ما تحقق في عدل السما، ومهما تأخر جايي. كم عبوة عندهم؟ كم لبناني قادرين يغتالوا؟ كم لبناني قادرين يسكّتوا؟ عاجلاً ام اجلاً رح يفشل مشروعهم الرجعي، فعلى مر التاريخ حكمت طوائف وأحزاب وسقطت، وكل ما عِلي راسه كل ما سقوطه مدوي اكثر، فلا راس ولا إصبع بعد قادرين يخوفوا شعب متعطش للحرية والاستقرار.

السلام لروح رفيق الحريري وجميع رفاقه وكل مين قُتل قبل وبعد، السلام لروح كل حر ووطني آمن بلبنان وبشعبه وقسم ان نبقى موحّدين بساحة الشهداء، السلام لروح كل حدا تجرأ يكشف معلومة عن شبكة الإجرام اللي فتكت بالبلد، والسلام وألف سلام لمدينة السلام يللي سقط على أرضها دم الضحايا والشهداء، ولكن رغم كل العواصف والتحديات والتآمر والخراب، بقيت صامدة… وستبقى.

الرأي المعبر عنه هنا هو رأي المؤلف فقط ولا يمثل بأي حال الرأي الجماعي للمجلة.

The opinion expressed here is the author's own and is in no way the collective opinion of the magazine.

Previous
Previous

The Story of a Great Man

Next
Next

تركيا في سوريا.. بين الأطماع التوسعية والتهديد الاستراتيجي